تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٠٧
«
١» [آل عمران : ٣/ ٧٩- ٨٠].
وسبب نزول هذه الآية كما
ذكر ابن عباس، قال : إن أبا رافع القرظي قال للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم حين اجتمعت الأحبار من اليهود ووفد نصارى نجران : يا محمد، أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«معاذ اللّه أن يعبد غير اللّه، أو نأمر بعبادة غير اللّه، ما بذلك بعثني، ولا بذلك أمرني» فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
قال الحسن البصري : بلغني أن رجلا قال : يا رسول اللّه، نسلّم عليك كما يسلّم بعضنا على بعض، أفلا نسجد لك؟ قال :«لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون اللّه، ولكن أكرموا نبيكم، واعرفوا الحق لأهله» فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
فلا يصح لبشر امتن اللّه عليه بإنزال الكتاب، والهداية إلى الحكمة والصواب في فهم ما أنزل اللّه عليه، وإيتائه النبوة والرسالة، ثم يطلب من الناس أن يعبدوه وحده، أو يعبدوه مع اللّه، فهذا هو الشرك بعينه، ولكن يقول : كونوا أيها الناس ربانيين، أي متمسكين بالدين، مطيعين لله أتم طاعة، بسبب كونكم تعلّمون الكتاب لغيركم، وبسبب كونكم تدرسونه وتتعلمونه. ولا يعقل أن يأمر نبي باتخاذ الملائكة والأنبياء آلهة تعبد من دون اللّه، فكل هذا كفر وفسوق وعصيان، لا يتفق مع الإسلام، والانقياد لله بالطبيعة والفطرة، التي فطر الناس عليها.
ميثاق النبيين
إن الأديان المنزلة من اللّه تعالى واحدة في أصولها، فهي متفقة على الدعوة إلى توحيد اللّه عز وجل، وأصول الأخلاق والفضائل، وأسس التشريع الناظم لمصالح