تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٣٨
لقوله تعالى : يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) [البقرة : ٢/ ٤٠].
ثم أمر اللّه تعالى باتقاء النار التي أعدت للعصاة والكافرين، واتقاؤها يكون بطاعة اللّه وامتثال أوامره وترك المعاصي والمنكرات، والنار سبع طبقات، العليا منها وهي جهنم للعصاة، والخمس للكفار، والدرك الأسفل للمنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر.
ثم أمر اللّه بطاعته وطاعة رسوله، والطاعة موافقة الأمر كما أراد الآمر، كي يرحمنا اللّه في الدنيا بصلاح الحال وانتظام الأمر، وفي الآخرة بحسن الجزاء،
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه..» «١».
والطاعة تتطلب المبادرة إلى فعل ما يوجب مغفرة اللّه، وجزاء المطيعين جنات فسيحات واسعات عرضها كعرض السماء والأرض، أعدت للمتقين الذين وقوا أنفسهم من عذاب اللّه بالعمل الصالح، وأوصاف المتقين هي :
الذين ينفقون في السراء والضراء، في الشدة والرخاء، ويكتمون غيظهم، ويملكون أنفسهم عند الغضب، فلا يعتدون على الآخرين إذا كانوا في قوة ومنعة،
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«من كظم غيظا، وهو يقدر على إنفاذه، ملأه اللّه أمنا وإيمانا» «٢».
وهم أيضا يعفون عن مساوئ الناس ويتجاوزون عن ذنوبهم بطيب خاطر وطواعية، والعفو عن الناس من أجلّ أفعال الخير، وهم أيضا يحسنون إلى من أساء إليهم، واللّه يحب المحسنين، وهؤلاء المتقون إذا فعلوا فاحشة أو ذنبا كبيرا يضر كالزنا والربا، والغيبة والنميمة، أو ذنبا صغيرا لا يتعدى إلى غيرهم، ذكروا عقاب

(١) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
(٢) حديث حسن أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر.


الصفحة التالية
Icon