تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٤٢
يقبل عادة أن يمنح من غيره كل شي ء، وهو منتظر التقاط النتائج، وتقديم الانتصارات على طبق من ذهب، لذا فالعمل شرف، والجهاد فضيلة وإثبات الذات مظهر تكريم وإعزاز.
عتاب المقصرين والمخالفين يوم أحد وبدر
يبين اللّه تعالى أن سبيل العزة والنصر والكرامة في الدنيا، والثواب في الآخرة، منوط بالجهاد والقتال، والصبر والتضحية، فليست الحياة العزيزة مفروشة بالورود، وليس الفوز والنصر مجرد منحة إلهية من غير عمل وجهاد، فلا بد للفوز في الدنيا من الصلاح والاستقامة ونصر دين اللّه وإقامة العدل، ومنع الظلم، وسلوك الطرق السوية المألوفة، وتلك هي سنة اللّه التي لا تتبدل ولا تتغير.
أبان اللّه تعالى هذه السنة وعرّفنا هذا المنهاج القويم، فقال سبحانه :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٤٢ الى ١٤٤]
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)
[آل عمران : ٣/ ١٤٢- ١٤٤].
والمعنى : لا يصح لكم أيها المؤمنون أن تصابوا بداء الغرور، فتفهموا أن دخول الجنة يكون من غير جهاد في سبيل اللّه، وصبر على المعارك الرهيبة، والجهاد أنواع :
جهاد العدو الظاهر بالسلاح والإعداد لطرده من الأوطان والبلاد، وجهاد النفس بمنعها من الأهواء والشهوات وحملها على الطاعة والفضيلة والعمل الصالح، وجهاد باللسان بالحرب الإعلامية الموجهة المدروسة، وجهاد حب المال عند البذل في


الصفحة التالية
Icon