تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٤٥
أصيب محمد، فأعطوهم بأيديكم «١»، فإنما هم إخوانكم، وقال بعضهم : إن كان محمد قد أصيب ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به؟ فأنزل اللّه تعالى في ذلك : وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) [آل عمران : ٣/ ١٤٤]. إلى أن قال تعالى :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٤٥ الى ١٤٨]
وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧) فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨)
«٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [آل عمران : ٣/ ١٤٥- ١٤٨].
أوضحت الآيات أن محمدا- كبقية الرسل- بشر معرض للموت، لم يطلب لنفسه العبادة، وإنما كان يأمر بعبادة اللّه وحده، واللّه حي لم يمت، ومهمة الرسول البلاغ فقط، فليس لوجوده دخل في استمرار عبادة اللّه.
وأبانت الآيات أيضا أنه ليس من شأن النفوس ولا من سنة اللّه فيها أن تموت بغير إذن اللّه أو مشيئته، فالله وحده هو المتصرف في كل شي ء، فيأذن للملك بقبض الروح في الموت العادي وغير العادي، كتب اللّه هذا كتابا محكما محددا بوقت لا يتعداه، ولن يؤخر اللّه نفسا إذا جاء أجلها. وإذا كان العمر بيد اللّه، فكيف يصح الجبن والضعف؟
و من يرد ثواب الدنيا بجهاده وعمله، أعطاه اللّه شيئا منها، ومن يرد بعمله ثواب
(٢) كم من نبي.
(٣) أي جماعات كثيرة.
(٤) عجزوا.
(٥) أي لقتل نبيهم. [.....]
(٦) ما خضعوا.