تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٥٦
بعض المقومات الإسلامية
من المعلوم أن رسالة الإسلام رسالة إنقاذ وإصلاح للمجتمع، وغرس لمبادئ الفضيلة والخصال الكريمة في النفوس المسلمة، وإيجاد رابطة قوية ووثيقة بين الأفراد، وتنمية الشعور بالواجب، وحماية الحقوق العامة والخاصة لكل إنسان. ومن أهم هذه المبادئ والمقومات : الحفاظ على حقوق الجماعة بصون الأمانة وتحريم الخيانة، سواء من المغانم أو غيرها، واتباع ما يرضي اللّه والتزام أوامره، والبعد عما يسخط اللّه ويوجب العذاب، وليس الناس في الجنة في درجة واحدة، وإنما هم في درجات، ومهمة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم تبليغ الأحكام والشرائع لأمته، وتلاوة آيات القرآن الكريم عليها وإفهامها لهم، وتعليمهم جميع ما في القرآن، والسنة النبوية، فإذا ما امتثلوا هذه التعاليم كانوا مثال المجتمع الفاضل، وتخلصوا من مفاسد الجاهلية البدائية وضلالاتها الموروثة، وبنوا حضارة جديدة قائمة على الحق والعدل والإحسان والأخلاق الفاضلة.
قال اللّه تعالى مبينا هذه المقومات :
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٦١ الى ١٦٤]
وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦١) أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤)
«١» «٢» «٣» [آل عمران : ٣/ ١٦١- ١٦٤].
وسبب نزول آية الإغلال :
أنه قيل للرماة الذين تركوا أماكنهم يوم أحد : لم

(١) يخون في الغنيمة، والإغلال : الخيانة وأخذ بعض الغنائم الحربية قبل قسمتها بين الغانمين.
(٢) رجع متلبسا بغضب.
(٣) يطهرهم من أدناس الجاهلية.


الصفحة التالية
Icon