تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٨٨
الإسلام المرأة، فجعل لها ذمة مالية مستقلة بنفسها، فلها حق التصرف الكامل بمالها، سواء كانت أما أو زوجة أو بنتا أو أختا، ولها الحق التام في دخلها وكسبها وإرثها من أقاربها.
وإنصاف المرأة في التشريع القرآني كان للرد على ما كان سائدا في عرب الجاهلية من حرمان المرأة من حقها في الميراث.
ثبت في تاريخ التشريع : أن أوس بن الصامت الأنصاري توفي وترك امرأته أم كحلة وبنات له، فمنع ابنا عمه سويد وعرفطة ميراث أوس عن زوجته وبناته، فشكت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فدعاهما رسول اللّه، فقالا : يا رسول اللّه، ولدها لا يركب فرسا، ولا يحمل كلّا (أي عاجزا من الأولاد) ولا ينكي عدوا، نكسب عليها ولا تكسب، فنزلت هذه الآية، فأثبتت لهن الميراث، ثم نزلت آية المواريث، فجعلت لكل حقه.
قال اللّه تعالى :
[سورة النساء (٤) : الآيات ٧ الى ١٠]
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (٧) وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٨) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٩) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (١٠)
«١» «٢» «٣» «٤» [النساء : ٤/ ٧- ١٠].
توجب هذه الآيات إعطاء كل وارث حقه في مال مورثه من الوالدين والأقربين، من غير تفرقة بين الذكور والإناث، والصغار والكبار، سواء أكان المال المتروك بعد الوفاة للمورث قليلا أم كثيرا.
(٢) جميلا بأن تعتذروا إليهم أنكم لا تملكونه.
(٣) صوابا وعدلا.
(٤) سيدخلون نارا موقدة.