تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٢٩٥
[النساء : ٤/ ١٣- ١٤].
الآيات تشير إلى ما سبقها من أحكام، فإن الأحكام المتعلقة برعاية الضعفاء من الأيتام والنساء، وأحكام العدل والإنصاف بين الزوجات والحجر على السفهاء المبذرين واليتامى قبل البلوغ، وأحكام المواريث، كل تلك الأحكام هي حدود اللّه ومحارمه التي لا يجوز لمسلم أن يتخطاها ويتجاوزها. ومن يطع اللّه ورسوله فيما شرع وبيّن، يدخله جنات تجري من تحت غرفها وبساتينها الأنهار العذبة، مع الخلود الأبدي فيها، من غير انقطاع ولا تحول عنها ولا موت آخر، وهو جزاء المحسنين، وذلك هو الفوز العظيم. وهذا وعد قاطع من اللّه، واللّه لا يخلف الميعاد.
وهناك وعيد على عصيان هذه الأحكام بسبب إنكار عرب الجاهلية لقسمة الميراث، فقد كلم فيها النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عيينة بن حصن وغيره، ويشتمل الوعيد لمن يتعدى حدود اللّه، أي أحكامه في الميراث وغيره، وينتهك حرمة اللّه ويعصي اللّه ورسوله :
إدخاله نارا وقودها الناس والحجارة، خالدين فيها إلى ما شاء اللّه، وله عذاب مهين ومذل له، فهو عذاب مادي وروحي.
هذه الضوابط لقواعد الميراث تعد مؤيدات شرعية مانعة من مخالفتها وإهمالها. قال اللّه تعالى : تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ [النساء : ٤/ ١٣- ١٤].
أي إن أحكام المواريث السابقة هي أحكام اللّه وشرائعه، فلا تعتدوها ولا