تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣١٠
أكل أموال الناس بالباطل والتوبة من المعاصي
نظم الإسلام طريق التعامل مع الآخرين، والحفاظ على الأموال من غير اعتداء عليها، ولا أخذ مال الآخرين إلا بالتراضي، لأن المال حق لصاحبه، وهو قرين الروح، وأكثر الخصومات والمنازعات تقع بسبب الأموال، والإسلام يريد تحقيق الاستقرار والحفاظ على المودة والحقوق بين الناس، قال اللّه تعالى :
[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (٣٠)
«١» «٢» [النساء : ٤/ ٢٩- ٣٠].
حرمت الآية الاعتداء على المال والنفس، فلا يحل أكل مال الآخرين بالباطل، وهو الطريق غير المشروع والمأخوذ من أعيان الأموال أو منافع الأشياء ظلما من غير مقابل، ويشمل ذلك كل ما يؤخذ من الأموال عوضا في عقد فاسد أو باطل، كبيع الإنسان ما لا يملك، وثمن المأكول الفاسد غير المنتفع به حقيقة كالجوز والبيض والبطيخ الفاسد، وثمن ما لا قيمة له ولا منفعة معتبرة شرعا كالقرد والخنزير والذباب والدّبور والميتة والخمر وأجر النائحة وآلة اللهو، فمن باع بيعا فاسدا وأخذ ثمنه، كان ثمنه حراما خبيثا، وعليه رده لصاحبه.
لكن يجوز أخذ أموال الآخرين بطريق التراضي في العقود الصحيحة شرعا كالإعارة والهبة والبيع والإجارة، ولكن بالطريق الذي أذن به الشرع لقوله تعالى :
إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ أي كلوا الأموال من طريق التجارة القائمة
(٢) ندخله نارا ونحرقه بها.