تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣١٩
و آيات البخل والرياء نزلت في علماء بني إسرائيل الذين كانوا يبخلون بما عندهم من العلم، وينصحون الأنصار ألا ينفقوا أموالهم، خوفا من الوقوع في الفقر.
أرشد اللّه تعالى الناس جميعا في المجتمع إلى بعض خصال الخير والإحسان، وأولها : عبادة اللّه وحده دون إشراك أحد معه، والعبادة : هي الخضوع التام لله، مع إشعار القلب بتعظيم اللّه وإجلاله في السر والعلن، والخشية منه وحده، وتكون عبادة اللّه بفعل ما أمر اللّه به وترك ما نهى عنه، سواء في الشؤون القلبية كالحسد والحقد، أو في ممارسة الأعضاء بعض الأفعال، والأمر أولا بعبادة اللّه لأنها مصدر الإلهام بكل خير وترك كل شر، والإقدام على الفضائل.
والواجب الثاني : الإحسان إلى الوالدين وبرهما أي طاعتهما في معروف، والقيام بخدمتهما، وتحقيق مطالبهما، والبعد عن كل ما يؤذيهما لأنهما سبب وجود الولد، وتربيته برحمة وإخلاص، وحب دائم، وتضحية من الأهل.
والواجب الثالث : الإحسان إلى القرابة وهو صلة الأرحام كالأخ والأخت والعلم والخال وأبنائهم، وذلك بمودتهم ومواساتهم المادية والمعنوية.
والواجب الرابع : الإحسان إلى اليتامى، ومنهم الذين فقدوا آباءهم واستشهدوا في الجهاد من أجل إعلاء كلمة اللّه أو الدفاع عن الأوطان، لأن هؤلاء الأيتام والمستضعفين، ومثلهم المعاقون فقدوا الناصر والمعين وهو الأب، والمعاق : فقد القدرة الجسدية على ممارسة حياة كريمة صحيحة.
والواجب الخامس : الإحسان إلى المساكين والفقراء : وهم المحتاجون الذين لا يجدون ما يكفيهم، والإحسان إليهم بالتصدق عليهم، أو بردّهم ردا جميلا، لقوله تعالى : وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠) [الضحى : ٩٣/ ١٠] وهذا يحقق مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام.