تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٢٤
و نحن نعبد ما تعبدون) فأنزل اللّه : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ.
وذكر ابن جرير الطبري أن الإمام كان يومئذ عبد الرحمن بن عوف، وأن الصلاة صلاة المغرب، وكان ذلك قبل أن تحرّم الخمر.
وهذا دليل واضح على أن السكر يغطي العقل، ويؤدي إلى الهذيان وتخليط الكلام، والإخلال بالعقيدة والعبادة، فتكون الصلاة باطلة حال السكر، كما أن الصلاة باطلة حال الجنابة، بل يحرم على الجنب دخول المساجد، إلا عبورا من غير مكث ولا توقف أو استقرار في جميع أجزاء المسجد. وقد منع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم توجيه البيوت نحو المسجد، و
قال في حديث صحيح رواه أبو داود عن عائشة :«وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لجنب ولا حائض».
وذكرت الآية : لا تقربوا الصلاة حال الجنابة إلا إذا كنتم عابري سبيل، أي مجتازي الطريق.
وسبب نزول آية : فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً هو ما
قال علي رضي اللّه عنه : نزلت هذه الآية وهي قوله تعالى : وَلا جُنُباً في المسافر تصيبه الجنابة، فيتيمم ويصلي، وكان نزول آية التيمم في غزوة المريسيع، فكان صدر الآية في حادثة الخمر، وعجزها في حادثة السفر.
وتشريع التيمم رخصة ميسّرة للناس لأن الصلاة تتكرر خمس مرات في اليوم، ولا يجوز تركها بحال، إلا أن الطهارة بالوضوء بالماء قد تتعذر على المسلم المصلي لمرض أو عذر، فرخص الشرع الحكيم الرحيم بالناس في التيمم بالتراب بنحو رمزي، حتى لا تترك الصلاة من أي إنسان، وليس الهدف نقل التراب إلى الوجه واليدين، وإنما أن يقصد الإنسان أرضا طاهرة لا نجاسة فيه، فيها غبار، أو حتى على حجر صلب، أو متاع كمخدة يتناثر منها الغبار، وكيفية التيمم : نية فرض التيمم وضربتان على تراب ونحوه مما ذكر، الضربة الأولى للوجه، والثانية لليدين.