تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٢٧
و يأخذون الكفر بدل الإيمان، ويريدون منكم أن تضلوا معهم الطريق المستقيم، واللّه أعلم بأعدائكم أيها المؤمنون، فامتثلوا أمره، واحذروا الأعداء، وكفى بالله ناصرا يتولى أموركم، ويصلح حالكم، وكفى به نصيرا ينصركم إن نصرتموه، كما قال اللّه تعالى : كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم : ٣٠/ ٤٧].
وبعض الكتابيين يبدلون كتبهم، ويؤولونها تأويلا غير صحيح، وهم يقولون :
سمعنا وعصينا، بدل قولهم : سمعنا وأطعنا، وكانوا يقولون حسدا وحقدا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم :
اسمع لا سمعت، أي لا أسمعك اللّه ولا أجاب قولك، وقالوا للنبي أيضا : راعنا من الرعونة والحمق، وهي كلمة سب، تحريفا بألسنتهم وطعنا في الدين وفتلا بالألسنة عن الحق والصواب والأدب. وهذا منتهى الجرأة في الباطل والعدوان على الحق، ولو قالوا : سمعنا وأطعنا، بدل : سمعنا وعصينا، لكان خيرا لهم وأهدى سبيلا، ولكنهم لم يقولوا ذلك، فخذلهم اللّه ولعنهم وطردهم من رحمته، فهم لا يوفّقون أبدا للخير، ولا يؤمنون إيمانا صحيحا إلا إيمانا قليلا لا إخلاص فيه، ثم دعاهم اللّه للإيمان بالقرآن قبل تدميرهم وتشويههم، ولعنهم كلعنة أصحاب السبت المتحايلين على صيد السمك الممنوع عليهم بأخذ الأسماك من الأحواض التي بنوها، وذلك في يوم الأحد، وكان أمر اللّه التكويني بإيقاع شي ء ما نافذ المفعول لا محالة، متى أراده أوجده، فليحذر الناس وعيد اللّه وعقابه.
ما يغفره اللّه تعالى
إن الإنسان بحكم ضعفه وميله للشهوات دون وعي وتقدير للعواقب، تراه يقع في أخطاء ومعاص أو ذنوب تغضب اللّه تعالى، لأن الخطأ أو العصيان ليس في الواقع في صالح الإنسان نفسه، وإنما هو ضرر في ذاته ولمصالحه، يجرّ عليه أسوأ النتائج