تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٣٦
نزلت آية الأمر بإطاعة اللّه والرسول في خالد بن الوليد وعمار بن ياسر اللذين تسابا وتشاتما أمام الرسول، فقال الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم :«يا خالد، لا تسب عمارا، فإنه من سب عمارا سبّه اللّه، ومن أبغض عمارا أبغضه اللّه، ومن لعن عمارا لعنه اللّه»
فغضب عمار وذهب، فتبعه خالد واعتذر إليه، وتراضيا، فنزلت الآية : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.
فطاعة اللّه والرسول واجبة، بتنفيذ أحكام اللّه، واتباع سنة رسول اللّه، وكذلك تجب طاعة ولاة الأمر من أهل الحل والعقد في الأمة، أي السلطة التنفيذية في الأمة، وأولي الاجتهاد في التشريع من العلماء والحكام والولاة العدول، فإن حدث تنازع واختلاف في وجهات النظر، فالواجب رد الأمر إلى نظيره ومثيله في القرآن والسنة، ولا يفهم ذلك إلا العلماء الأعلام المخلصون لله ورسوله، وعليكم أيها المختلفون العمل بهذه الوصايا وامتثال أوامر اللّه إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، فذلك خير لكم في الدنيا والآخرة، وأحسن تأويلا، أي مآلا وعاقبة.
أبرز مواقف المنافقين من القرآن الكريم
ابتليت هذه الأمة بفئة جبانة ضعيفة، تدس في الخفاء، وتطعن في الخلف، وهم المعروفون بالمنافقين، الذين أظهروا الإسلام خداعا، وأبطنوا الكفر والعداوة والتحيز لفئة المشركين وصف غير المؤمنين من الكتابيين. وكان أبرز موقف للمنافقين تجاه القرآن الكريم : هو تجاوز القرآن والتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب اللّه وسنة رسوله، وذلك مع الإصرار والعناد والمجاهرة بالفسق والضلال.
قال اللّه تعالى واصفا أحوال هؤلاء المنافقين :
[سورة النساء (٤) : الآيات ٦٠ الى ٦٣]
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (٦٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (٦١) فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣)


الصفحة التالية
Icon