تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٤
تناقضات اليهود وأكاذيبهم
لا خير ولا أمل في قوم متناقضين يفترون على اللّه الكذب، ويحرّفون كلام اللّه ويغيّرونه ويبدّلونه على وفق أهوائهم وشهواتهم، لذا استبعد اللّه الخير والإيمان من اليهود برسالة محمد صلّى اللّه عليه وسلم، فقد كان منافقوهم حين يتقابلون مع المؤمنين يقولون : نحن مؤمنون بالله والنّبي محمد، إذ هو المبشّر به عندنا فنحن معكم، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا : كيف تحدّثون أتباع محمد بما أنزل اللّه عليكم في التوراة؟ كيف تفعلون هذا فيحتجّون به عليكم، ويخاصمونكم به عند ربّكم يوم القيامة؟ أتذيعون أسراركم فهذا خطأ وضرر؟
فيردّ اللّه عليهم أيحسبون أن هذا سرّ لا يطّلع عليه أحد؟ أو لا يعلمون أن اللّه سبحانه يعلم السّر وأخفى، ويعلم ما يقولون، سواء أضمروا الحقائق أم أعلنوها؟
و سيجازيهم على ذلك كله. هذا موقف علماء اليهود وأحبارهم، أما الأمّيون فلا يعرفون عن دينهم إلا أكاذيب سمعوها ولم يعقلوها مثل الزعم القائل بأنهم شعب اللّه المختار وأن الأنبياء منهم يشفعون لهم، وأن النار لا تمسهم إلا أياما قليلة.
قال مجاهد : قام النّبي صلّى اللّه عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال : يا إخوان القردة، ويا إخوان الخنازير، ويا عبدة الطاغوت، فقالوا : من أخبر بهذا محمدا، ما خرج هذا إلا منكم، أتحدّثونهم بما فتح اللّه عليكم ليكون لهم حجة عليكم، فنزلت الآية :
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٧٥ الى ٧٨]
أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٧٨)
«١» «٢» «٣»
(٢) انفرد معه.
(٣) قصه عليكم.