تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٤٩
«١» «٢» «٣» [النساء : ٤/ ٨٠- ٨٢].
سبب نزول هذه الآيات ما
روى مقاتل : أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول :«من أحبّني فقد أحب اللّه، ومن أطاعني فقد أطاع اللّه» فقال المنافقون : ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل؟ لقد قارف الشرك، وقد نهى أن نعبد غير اللّه، ويريد أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى، فأنزل اللّه هذه الآية : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ...
أخبر القرآن المجيد أن إطاعة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم إطاعة لله تعالى، لأن الآمر والناهي في الواقع هو اللّه، والرسول مبلغ للأمر والنهي، فليست الطاعة له بالذات، وإنما هي لمن بلّغ عنه، وهو اللّه عز وجل.
وأكدت آيات أخرى هذا المعنى، مثل قوله تعالى : وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥) [النجم : ٥٣/ ٣- ٥]. وكان الصحابة يسألون النبي عن الأمر، أوحي هو يا رسول اللّه، أم رأي؟ فإن كان وحيا أطاعوا بلا تردد، وإن كان رأيا بشريا، أشاروا بخلافه بمقتضى الحكمة والمصلحة، وقد يرجع الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم إلى رأي الصحابة، كما حدث في غزوة بدر وأحد.
ومن تولى أو أعرض عن طاعة الرسول، فقد خاب وخسر، فلا تحزن عليهم أيها النبي، إن عليك إلا البلاغ، ولست عليهم بمسيطر، وما أرسلناك عليهم رقيبا موكلا بتطويعهم.

(١) حافظا ورقيبا.
(٢) خرجوا.
(٣) دبرت في الليل.


الصفحة التالية
Icon