تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٧٠
و الصنف الثالث : هم الذين عزموا على الهجرة إلى اللّه ورسوله، ولإعزاز دينه وأهله، لكنهم ماتوا في أثناء الطريق كضمرة بن جندب، قبل الوصول إلى المدينة، فقد ثبت أجرهم على اللّه، واللّه غفور للطائعين، رحيم بهم، واللّه هو الذي أوجب الهجرة، وهو الذي يغفر الذنوب ويرحم العباد تفضلا وإحسانا إذا كانوا ممن صدق النية، وشحذ العزيمة، وأخلص القصد لله جل جلاله،
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أخرجه الصحيحان :«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرته إلى اللّه ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه».
صلاة القصر في السفر وصلاة الخوف
لا يجوز بحال من الأحوال ترك الصلاة المفروضة، ما دام الإنسان المسلم واعيا عاقلا، ولا تسقط عنه الصلاة إطلاقا حتى في حال المرض إلا أن يفقد الشخص الوعي ويصبح مغمى عليه، أو مغشيا لا يدرك شيئا.
ولكن يسّر الإسلام في كيفية أداء الصلاة الفريضة في أثناء السفر أو الخوف، كالاشتراك في معركة حربية، ففي السفر يجوز بل يستحب أو يجب قصر الصلاة الرباعية وهي الظهر والعصر والعشاء، فتصلي هذه الصلاة ركعتين فقط بدلا من أربع ركعات تخفيفا وتيسيرا على المسافر، ودفعا للحرج والمشقة التي يتعرض لها المسافر في غالب الأوقات، ولا يكون عنده متسع من الوقت، وكذلك المحارب في أثناء المعركة يؤدي الصلاة الرباعية مقصورة، بل وفي جماعة مع الإمام القائد، على أن يقسم الجنود فئتين، تصلي كل فئة ركعة واحدة مع الإمام، وتكمل وحدها الركعة الأخرى.