تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٣٧٥
و قد بشّر القرآن الكريم شهداء أمتنا بالجنة والرضوان في قول اللّه تعالى : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) [آل عمران : ٣/ ١٦٩- ١٧١].
روى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحة عن معاذ ابن جبل رضي اللّه عنه أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :«من قاتل في سبيل اللّه فواق ناقة «١»، فقد وجبت له الجنة، ومن سأل اللّه القتل من نفسه صادقا «٢» ثم مات، أو قتل، فإن له أجر شهيد، ومن جرح جرحا في سبيل اللّه، أو نكب نكبة، فإنها تجي ء يوم القيامة كأغزر «٣» ما كانت، لونها لون الزعفران، وريحها ريح المسك».
المساواة أمام القضاء
لا يعرف الإسلام في أحكامه وقضائه ومحاكمه التفرقة بين مسلم وغير مسلم، فالكل أمام الحق والعدل سواء، ولا محاباة لمسلم على حساب غير المسلم في أي مظهر أو وضع من مظاهر القضاء وأوضاعه.
والدليل القاطع على هذا : ما نزل في القرآن الكريم في شأن يهودي أراد المنافقون أن يلصقوا به تهمة سرقة ارتكبها بعضهم، وهي أن طعمة بن أبيرق من بني ظفر، سرق درعا من جار له في جراب دقيق، فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه، وخبأها عند زيد بن السمين من اليهود، فالتمسوا الدرع عند طعمة، فلم يجدوها وحلف

(١) هو ما بين رفع يدك عن الضرع حال الحلب ووضعها.
(٢) أي مخلصا لربه نيته.
(٣) أي أوفر وأكثر.


الصفحة التالية
Icon