تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٢٧
و معنى الآية : يا أيها المؤمنون بالله ورسوله لا تحلّوا معالم اللّه، ولا تتعدّوا حدود اللّه وطاعاته في أمر من الأمور، وبخاصة مناسك الحج ومشاعره، فلا تتهاونوا بحرمتها، ولا تخلّوا بأحكامها، ومكّنوا جميع المسلمين من أداء مناسك الحج. فالمراد بشعائر اللّه : مناسك الحج، وجميع ما أمر اللّه به أو نهى عنه، وما حدّ تحريمه في الإحرام.
ولا تنتهكوا بالقتال والعدوان حرمة الأشهر الحرم، وهي أربعة : ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم ورجب، فلا تقاتلوا المشركين فيها، ولا تبدّلوها بغيرها، كما كان العرب يفعلون في الجاهلية من عملية النّسي ء، أي تأخير حرمة شهر حرام إلى غيره، ولا تحدثوا في أشهر الحج ما تصدّون به الناس عن الحج. ولا تعترضوا الهدي (الشاة ونحوها) المهدي للحرم أو المسوق له، بالغصب أو الأخذ، أو المنع من بلوغ محلّه، حتى لا يصل إلى الكعبة. وسمي شهرا حراما لتحريم القتال فيه في الماضي.
ولا تنتهكوا حرمة ذوات القلائد : وهي ما قلّد به الهدي مما يعلق في عنق البعير ونحوه من قلادة ليعلم أنه هدي، فلا يتعرّض له، وذلك يشمل الهدي المقلّد والذي لم يقلّد. ولا تحلّوا حرمة قوم قاصدين المسجد الحرام فتغيروا عليهم، حالة كونهم يطلبون من اللّه الفضل، أي الرزق والثواب، والرضوان، أي رضا اللّه عنهم. وإذا فرغتم من إحرامكم وحللتم منه، وأنتم في غير أرض الحرم، جاز لكم ما كان محرّما عليكم في حال الإحرام وهو الصيد، فاصطادوا حينئذ كما تشاؤون. ولا يحملنكم بغض قوم وكراهيتهم، كانوا قد صدّوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك عام الحديبية، على أن تتعدوا حكم اللّه، فتعتدوا عليهم. وتعاونوا على البر : وهو كل ما أمر به الشّرع أو نهى عنه، ولا تتعاونوا على الإثم، أي الذنب والمعصية : وهي كل ما منعه الشرع، واتّقوا اللّه بفعل ما أمركم به واجتناب ما نهاكم عنه، إن اللّه شديد