تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٣٧
أداء الشهادات والحقوق بالعدل
الإسلام دين الحق والعدل في كل شي ء، مع النفس والأهل والقرابة، وجميع الناس حتى الأعداء، والعدل قائم على الخشية من اللّه، وتقوى اللّه في السّر والعلن، والإيمان منبع كل فضيلة، وللمؤمنين الصلحاء جنان الخلد، وللكافرين المكذبين بآيات اللّه نيران الجحيم، والتقوى والتّوكل على اللّه حصن ودرع متين من كل شرّ أو سوء، وشكر النعمة الإلهية على العافية والأمن أمر واجب شرعا وعقلا وأدبا، وكتمان الشهادة وشهادة الزور من أكبر الكبائر.
قال اللّه تعالى :
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٨ الى ١١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)
«١» «٢» «٣» [المائدة : ٥/ ٨- ١١].
نزلت الآية الأخيرة في رأي الجمهور حينما
ذهب النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى يهود بني النّضير يستعينهم في دية رجلين قتلهما عمرو بن أمية الضّمري ورجل آخر معه حينما أخبراهما أنهما من الأعداء رهط عامر بن الطفيل الذي جنى على المسلمين وقتلهم في بئر معونة، فنزل الرسول في ظل جدار، فتآمر بنو النضير بينهم على قتله بإلقاء الجدار عليه، فجاء جبريل عليه السّلام وأخبره بخطتهم، فقام من المكان وتوجّه إلى المدينة، ونزلت الآية في ذلك.
ومعنى الآيات : يا أيها المؤمنون، أتقنوا الأعمال وأخلصوا فيها لله ورسوله،
(٢) أي لا يحملنكم بغض أو كراهية قوم.
(٣) يبطشوا بكم بالقتل.