تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٦٦
علم اللّه، ولأنهم الذين ينتفعون بتلك المواعظ. ثم أمر اللّه تعالى بأن يعمل أهل الإنجيل بالأحكام التي أنزلها اللّه فيه، ومن لم يحكم بما جاء في الإنجيل فأولئك هم الفاسقون، أي المتمرّدون الخارجون عن حكم اللّه وشرعه.
شريعة القرآن
الشرائع الإلهية حلقة متصلة الروابط، متكاملة متساندة فيما بينها، يؤكد بعضها بعضا، ويكمل آخرها أولها، لتتآزر فيما بينها وبين أتباعها على تحقيق مراد اللّه تعالى فيما يحقق المصالح ويدفع المضارّ والمفاسد، وينقل الناس إلى ما هو الأفضل والأمثل بحسب مقتضيات الحاجة ومراعاة قانون التطور ومنجزات الحضارة والتقدم، لذا جاء القرآن الكريم مؤيدا ما سبقه من التوراة والإنجيل، فقال اللّه تعالى مخاطبا نبيّه محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم :
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٤٨ الى ٥٠]
وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤٩) أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)
«١» «٢» «٣» «٤» [المائدة : ٥/ ٤٨- ٥٠].
نزلت آية وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ.. في جماعة من اليهود، قال ابن
(٢) شريعة وطريقا واضحا في الدين.
(٣) ليختبركم.
(٤) يصرفوك.