تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٦٨
و إذا كان الأمر كذلك، فسارعوا أيها الناس إلى الخيرات، أي الطاعات وجدّوا في التسابق في الأعمال الصالحات، لخيركم وصلاحكم وإنقاذكم، ولإحراز الفضل والرضا الإلهي، والبدار البدار فإنه إلى اللّه معادكم ومصيركم، يوم القيامة، فيخبركم إخبار إيقاع بما كنتم تختلفون فيه من الحق، وسيجازيكم عليه كله، وحينئذ يظهر اللّه الثواب والعقاب. وقوله تعالى : فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ آية بارعة الفصاحة، جمعت المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة، كسائر كتاب اللّه تعالى.
ثم أكّد اللّه تعالى لنبيّه الأمر بالحكم بما أنزل اللّه، فقال : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ.. أي اقض بما أمر اللّه به، ولا تتبع أهواء المعاندين أو المعارضين فيما يخبرونك من أمور، ويقترحون من حلول، واحذر أيها النّبي أن يفتنك أعداؤك عن بعض ما أنزل اللّه إليك، أي يميلوا بك من الحق إلى الباطل، فإن تولوا وأعرضوا عما تحكم به من الحق، وخالفوا شرع اللّه، فلا تبال بهم، واعلم أن اللّه يريد أن يعذّبهم في الدنيا قبل الآخرة على ذنوبهم ومعاصيهم وتركهم أحكام الشريعة، ولا غرابة في ذلك فكثير من الناس لفاسقون، أي خارجون عن حدود الحق والدين والعقل الرشيد.
والعجب كل العجب من هؤلاء الذين يريدون إحياء فوضى الجاهلية والأخذ بالثأر وترك الدين الحق والحكم العادل في القصاص وعقاب الزّناة والتمييز الطبقي وإضاعة الحقوق وإشاعة الجور والظلم وحماية المجرمين، ولا حكم أعدل من حكم اللّه لقوم يدركون الحق، ويوقنون أنه لا أعدل من اللّه، ولا أحسن حكما من شرعه القويم.