تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٧٤
بالصّدقات والقيام بكل أفعال البر إذ هي تنمية للحسنات، مطهرة للمرء من دنس الذنوب. وهذه الآية في جميع المؤمنين.
ثم أوضح القرآن المجيد مبدأ عامّا، مفاده : أن من يناصر دين اللّه بالإيمان به والتوكل عليه، ويؤازر رسول اللّه والمؤمنين دون أعدائهم، فإنه هو الفائز النّاجي، وهو الذي يحقق النّصر والغلبة على المناوئين، وحزب اللّه بحق، دائما هو غالب، كما قال اللّه تعالى : كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [المجادلة : ٥٨/ ٢١] إلى قوله : أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة : ٥٨/ ٢٢].
العلاقة مع غير المؤمنين
من الطبيعي أن تحتفظ كل أمة أو جماعة بأسرارها فيما بينها، ولا تبيح بشي ء منها لأعدائها، وإلا كانت جماعة حمقاء طائشة، سرعان ما يهدّد وجودها الضّياع والذّوبان وتسلّط الأعداء عليها، لهذا حذّر القرآن الكريم هذه الأمة من اتّخاذ الأنصار والأعوان من غيرها، منعا من التّشتّت والهزيمة، وحفاظا على العزّة والقوة والمجد، قال اللّه تعالى :
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٧ الى ٦٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (٥٨) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (٥٩) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠) وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١)
وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)
«١» «٢»»
«٤» «٥»
(٢) سخرية.
(٣) تعيبون.
(٤) جزاء وعقوبة.
(٥) الطاغوت : كل ما عبد من دون اللّه، أي أطيع، من وثن أو شيطان أو آدمي يرضى ذلك.