تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٤٨٥
الوضوح، ثم هم بعد ذلك يصرفون عن الحق، أي تصرفهم دواعيهم وأهواؤهم وحرصهم على تكسّبهم عن الحق الأبلج والطريق الإيماني الأقوم والأسلم.
أسباب الفساد والانحراف في غير المؤمنين
كان من رحمة اللّه بعباده وفضله عليهم أن حذّرهم وأنذرهم وأبان أسباب انحرافهم وضلالهم، قبل أن يفاجئهم بالحساب العسير والعقاب الأليم على زيغهم، وكان هذا التحذير والإنذار شاملا جميع غير المؤمنين إيمانا صحيحا، وهم كل من عبد غير اللّه من الأصنام والأوثان، وخرج عن مقتضيات أوامر اللّه وتعاليمه في الكتب الإلهية السابقة، ولم يلتزم بمبدإ وحدة الأديان القائمة على توحيد اللّه عزّ وجلّ، والاستقامة على أوامره وطاعته، والعمل على وحدة الانتماء إلى أمة التوحيد، وترك موالاة غير المؤمنين ومناصرتهم.
وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم في وصف أخطاء غير المؤمنين بقوله تعالى :
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٧٦ الى ٨١]
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠)
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١)
«١» «٢» [المائدة : ٥/ ٧٦- ٨١].
(٢) غضب اللّه عليهم بما فعلوا.