تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٢٦
و العناد، والسذاجة والسطحية، والهروب من الحقيقة بعد تبيّنها وظهورها، ومعاداة ما تدل عليه البراهين العلمية والمشاهدات الحسية والتأملات الفكرية.
فبالرغم من وجود الآيات الكونية التي تدلّ على إثبات الوحدانية لله، وكمال الألوهية والربوبيّة، وبالرغم من وجود الآيات القرآنية التي تنادي الناس للإيمان والتصديق بها، فإن بعض الناس يتّجهون إلى التكذيب والإنكار والكفر. قال اللّه تعالى :
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٤ الى ٦]
وَ ما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٦)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [الأنعام : ٦/ ٤- ٦].
يذمّ اللّه تعالى أولئك الكفار الذين يعدلون بالله سواه، ويجعلون الشركاء مثل اللّه، يذمّهم بأنهم يعرضون عن كل آية ترد عليهم، فكلما أتتهم معجزة أو حجة واضحة من دلائل وحدانية اللّه وصدق رسله الكرام، أعرضوا عنها، ولم ينظروا فيها، ولم يبالوا بها، وكلما ذكّرهم القرآن العظيم بآيات ربّهم الذي ربّاهم، وتعهّدهم في حالتي الضعف والقوة، وأمدّهم بالرزق، وأعطاهم كل شي ء، وخلق لهم جميع ما في الأرض، فإنهم مع ذلك كله يعرضون عن النظر في آيات اللّه، كما قال سبحانه : ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ [الأنبياء : ٢١/ ٢- ٣].
(٢) أمة من الناس.
(٣) أمددناهم من القوة.
(٤) المطر.
(٥) غزيرا.