تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٤٨
الالتجاء إلى اللّه وحده في الشّدائد
هناك أدلّة لا شعوريّة أو لا إراديّة على قدرة اللّه عزّ وجلّ، مغروسة في الفطرة الإنسانية، وهي اللجوء إلى اللّه تعالى من المؤمنين والكفرة إذا نزلت بهم نازلة أو بلية أو محنة، فلا يجدون ملاذا ولا مفزعا يلوذون به أو يفزعون إليه سوى اللّه سبحانه القادر القاهر، المتصرّف في الكون حسبما يشاء، يقدر المقدورات، ويهي ء الأسباب، أو يقول للشي ء : كن فيكون. قال اللّه تعالى :
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٤٠ الى ٤٥]
قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ (٤١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْ ءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)
فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» «٧» [الأنعام : ٦/ ٤٠- ٤٥].
هذه ردود قاطعة الدلالة على الكفار الجاعلين لله شركاء، ترشدهم إلى وحدانية اللّه، وتدلّهم على أنهم لا بدّ من لجوئهم إلى اللّه طوعا أو كرها. والمعنى : قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين : أخبروني عما أنتم فاعلون، أرأيتم إذا أتاكم أمارات عذاب اللّه، مثلما نزل بالأمم السابقة كالخسف والريح الصّرصر العاتية، والصاعقة، والطّوفان، أو خفتم هلاكا، أو خفتم الساعة وأتتكم القيامة بأهوالها ومخازيها، أتدعون أصنامكم وتلجؤون إليها في كشف ذلك إن كنتم صادقين في قولكم : إنها آلهة؟!

(١) أخبروني عن أمركم العجيب.
(٢) الفقر والمرض.
(٣) يتذلّلون ويتوبون.
(٤) أتاهم عذابنا.
(٥) عذّبناهم فجأة.
(٦) آيسون من الرّحمة. [.....]
(٧) آخرهم.


الصفحة التالية
Icon