تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٦٠
بمقدوري إيقاع العذاب بكم، لأوقعته عليكم، ولتمّ فصل القضاء بيني وبينكم، واللّه قد وعدني النصر، ووعد اللّه حق منجز، واللّه تعالى أعلم بالظالمين الكافرين الذين لا أمل في صلاحهم ورجوعهم إلى الحق والإيمان، والصلاح والاستقامة، فيكون إنزال العذاب بيده تعالى لا بيدي، واللّه أعلم كيف يعاقب، ومتى يعاقب، وعلى أي نحو يجازي، قال اللّه سبحانه : وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) [الأعراف : ٧/ ٣٤].
عالم الغيب
يتأثّر الإنسان عادة بما هو مشاهد محسوس أمامه، ويهمل أو يتناسى مغيبات الأمور، سواء في الماضي أو في المستقبل، وهذا دليل على نقص علم الإنسان، وبرهان واضح على كمال علم اللّه تعالى واطّلاعه على كلّ شي ء صغير أو كبير، وعلم الغيب مقصور على اللّه تعالى، لا يستطيع أحد من العقلاء ادّعاء العلم بالغيب لأن الواقع يكذّبه، وقد تورّط بعض السّذّج والجهلة، فادّعوا معرفتهم بالغيبيات، فجاءت الأحداث والوقائع مكذّبة لهم، مما أثبت للناس صدق ما أخبر به القرآن من حصر الغيب بالله، والتأكد من صحة الوحي والنّبوّة التي هي طريق الإخبار عن عالم الغيب، قال اللّه تعالى :
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٥٩ الى ٦٢]
وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٥٩) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢)
«١»