تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٦٦
قال اللّه تعالى :
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٦٨ الى ٧٠]
وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨) وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [الأنعام : ٦/ ٦٨- ٧٠].
ذكر الطبري عن السّدّي سبب نزول هذه الآيات، فقال : كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين، وقعوا في النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن، فسبّوه واستهزءوا به، فأمرهم اللّه ألا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. والخائضون في آيات اللّه : هم المكذّبون بها.
هذه الآيات أمر بترك هؤلاء العابثين وتهديد ووعيد لهم، فإذا رأيت أيها النّبي وكل مؤمن الذين يخوضون في آيات القرآن بالتكذيب والاستهزاء، فأعرض عنهم ولا تجالسهم، حتى ينتقلوا إلى التّحدث بحديث آخر، فإذا فعلوا فلا مانع من مجالستهم والتّحدث إليهم. وإن أنساك الشيطان قبح مجالسهم والمنع منها أو النّهي عنها، فجلست مع الخائضين ناسيا، فلا تقعد بعد التّذكر مع القوم الظالمين أنفسهم بالتكذيب والاستهزاء.
وليس نهيكم أيها المؤمنون المتّقون عن القعود، وأمركم بالإعراض عن الخائضين، لأن عليكم شيئا من حسابهم، وإنما هو ذكرى لكم وموعظة، لعلهم يتّقون الخوض في آيات اللّه، ويذكرون اللّه وعظمته وجلاله.

(١) يطعنون ويستهزئون.
(٢) خدعتهم.
(٣) أي لئلا تبسل أي تؤاخذ وتجزى وتسلم إلى الهلاك.
(٤) تفتد بكل فداء.
(٥) حبسوا في النار.
(٦) ماء شديد الحرارة.


الصفحة التالية
Icon