تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٧٠
و العدل والحكمة، والخلق معناه : الابتداع والإخراج من العدم إلى الوجود، ومعنى الخلق بالحق : أنه لم يخلق السماوات والأرض باطلا من غير معنى، بل لمعان مفيدة ولحقائق بيّنة، منها الاستدلال بها على وجود الصانع الخالق ونزول الأرزاق وغير ذلك.
واذكر أيها الرسول الخلق والإعادة يوم يقول اللّه للشي ء يوم القيامة : كُنْ فَيَكُونُ ويوم ينفخ في الصور، فيصعق كل من في السماوات والأرض، ويهلك كل مخلوق حتى الملك الذي نفخ فيه. وقول اللّه هو الحق، أي قضاؤه هو الحق، واللّه سبحانه صاحب الملك، المطلق في الدنيا والآخرة. ومن صفات اللّه تعالى أنه عالم الغيب والشهادة، أي ما غاب عنّا، وعالم المحسوسات الذي نراه، وهو سبحانه الحكيم في خلقه، فلا يفعل ولا يشرع لعباده إلا ما فيه الخير والحكمة والمصلحة، وهو الخبير بأحوالهم، المطّلع على سرائرهم ونيّاتهم وضمائرهم. وإذا كان اللّه هو المتّصف بهذه الصفات، فهو الأحقّ بالعبادة، فلا يصحّ لعاقل أن يدعو أو يعبد غير اللّه تعالى، لذا قال سبحانه : فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الجنّ : ٧٢/ ١٨]، بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ [الأنعام : ٦/ ٤١].
مجادلة إبراهيم الخليل لأبيه
لقد تحمّل الأنبياء والرّسل عليهم الصلاة والسّلام عناء كبيرا وجهدا عظيما من أجل ترك الناس عبادة الأصنام والأوثان من قديم الزمان، وكان لسيّدنا إبراهيم الخليل عليه السّلام قدرة بارعة على جدال الوثنيين، ومنهم أبوه آزر، الذي تلطّف في مجادلته، وحاول إقناعه بكل الوسائل، فلم يستجب آزر لدعوة التوحيد، بل هدّد إبراهيم عليه السّلام بالقتل رجما بالحجارة إن لم يكف عن دعوته، قال اللّه تعالى :