تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٨٩
الذي يرى العيون الباصرة رؤية إدراك وإحاطة وشمول، وهو الرفيق بعباده، الخبير بهم، المطّلع على جميع أحوالهم، ولا يخفى عليه شي ء إلا يراه ويعلمه. أما في عالم الآخرة فإن المؤمنين الصالحين أهل الجنة يرون ربّهم رؤية لا تحيط به ولا تحدّده أو تحصره في مكان معين، كما قال اللّه سبحانه : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) [القيامة : ٧٥/ ٢٢- ٢٣]. ويؤيّد ذلك ما
جاء في الصّحيحين أنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«إنكم سترون ربّكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب»
فالمؤمنون يرون ربّهم، ويحرم الكافرون من تلك الرّؤية.
أهداف الوحي
الهدف الواضح الجلي من ظاهرة الوحي على الأنبياء والرّسل : هو إرشاد الناس وتبصيرهم بالحق، وإعانتهم على إدراكه، وتجنّب طرائق الضّلال والزّيغ والانحراف، وهذا كله حبّ للإنسان ومصلحته، ورعاية له وأخذ بيده إلى السّعادة الحقّة، لذا كان عقلاء الناس هم المتّبعين للوحي الإلهي، المستفيدين منه في توجّهات الحياة، فهم أدركوا الحق فاتّبعوه، وعرفوا الباطل بالإرشاد الإلهي فاجتنبوه، قال اللّه تعالى مبيّنا مبصّرات الوحي :
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٧]
قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥) اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧)
«١» «٢» «٣» [الأنعام : ٦/ ١٠٤- ١٠٧].
(٢) نكررها بأساليب مختلفة.
(٣) قرأت وتعلمت من أهل الكتاب.