تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٥٩٨
باطل أو شرّ، فإنه لا يأمر إلا بخير، ولا ينهى إلا عن مفسدة وشرّ، كما قال اللّه تعالى عن نبيّه في الكتب السابقة : يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ [الأعراف : ٧/ ١٥٧].
وكل ما ورد في القرآن من أمر ونهي، ووعد ووعيد، وقصص وخبر، لا تغيير فيه، ولا تبديل لكلمات اللّه : وهي كل ما نزّل على عباده، وهو السّميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وسكناتهم، الذي يجازي كل عامل بعمله.
وقوله تعالى : لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ معناه : لا تغيير في معاني الوحي المنزل، بأن يبيّن أحد أن خبره بخلاف ما أخبر به، أو يبيّن أن أمره لا ينفذ. ومن أمثلة ذلك : أن اللّه منع المنافقين من الخروج إلى الجهاد بعد تخلّفهم عن غزوة تبوك، ولم يبح لهم الخروج «١»، فقال المنافقون بعد ذلك للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين : ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ [الفتح :
٤٨/ ١٥]، فقال اللّه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم : يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ [الفتح : ٤٨/ ١٥]. واستقرّ التشريع على منعهم من الخروج كما قال تعالى : فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً [التّوبة : ٩/ ٨٣].
المنع من اتّباع ضلالات المشركين ومن أكل ذبائحهم
لا تلاقي بحال من الأحوال بين شرع اللّه المحكم والأعدل وبين أنظمة الجاهليين المشركين، فإن اللّه تعالى أراد الحق والخير لعباده، وحذّر من كل معالم الضّلال والشّرك، لذا أبان سبحانه الحلال والحرام، ومنع من أكل ذبائح المشركين التي لا يذكر اسم اللّه عليها، فإن تلك الذّبائح فسق أي معصية وخروج عن دائرة

(١) التّوبة : ٩/ ٨٣.


الصفحة التالية
Icon