تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦١٥
و هوان، فأنكر القرآن الكريم عليهم ذلك الفعل، والتّذرع بهذا السبب، بقوله تعالى :
وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء : ١٧/ ٣١]. وفي قوله سبحانه :
وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) [التّكوير : ٨١/ ٨- ٩].
وغاية هذا التّزيين هي أن يردوا المشركين ويهلكوهم بالإغواء، ويخلطوا عليهم أمر دينهم- دين إبراهيم وإسماعيل- دين التوحيد الذي لا شي ء فيه من هذا، ولو شاء اللّه ما فعلوا هذا أبدا، فاتركهم أيها النّبي وما يدينون ويفترون من الكذب والضلال، وما عليك إلا البلاغ، فإنهم بأنفسهم اختاروا هذا الطريق المعوج دون جبر ولا إكراه. والأنموذج الثالث من شرائع الجاهلية : أنهم قسموا أنعامهم ثلاثة أقسام :
أ- أنعام محبوسة على معبوداتهم وأوثانهم الآلهة، قائلين : لا يطعمها ولا يأكل منها إلا من شاء بحسب زعمهم من غير حجة وبرهان، وهم خدم الأوثان والرجال دون النساء.
ب- وأنعام ممنوعة ظهورها، فلا تركب ولا يحمل عليها، وهي البحيرة والسائبة والحامي، إذا ولد منها نتاج معين.
ج- وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها عند الذبح، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام، ولا ينتفعون بها حتى في الحج.
هذه القسمة الجائرة مجرد افتراء على اللّه، فالله لم يشرع ذلك، وليس لهم أن يحلّلوا أو يحرّموا شيئا لم يأذن اللّه به، وسيجازيهم اللّه الجزاء الذي يستحقونه بسبب افترائهم.
ومما قال هؤلاء المشركون : إن أجنّة وألبان هذه الأنعام (المواشي) حلال خاص برجالنا، ومحرّم على نسائنا، فإذا ولدت الشّاة ذكرا، فلبنها للذكور دون الإناث،