تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٣٨
«١» «٢» [الأعراف : ٧/ ٦- ١٠].
هذا وعيد من اللّه عزّ وجلّ لجميع العالم، تضمن أن اللّه تعالى يسأل الأمم أجمع يوم القيامة عما بلغ إليهم عنه، وعن جميع أعمالهم، وعما أجابوا به الرّسل المرسلين إليهم، ويسألون الرّسل أيضا عما بلّغوا من الرسالات. والسؤال يوم القيامة صعب وعسير لأنه موقف الفصل الحاسم في مصير دائم للناس، فيشتد الخوف ويعظم الرجاء وتكثر الأعذار، حتى ينجو الإنسان من هول الحساب وشدة العذاب.
يسأل اللّه في الآخرة كل إنسان عما أجاب به الرسل، وعن مدى قبول دعوة الأنبياء، وعما صدر منه من إيمان أو كفر، ويسأل اللّه الأنبياء المرسلين عما بلّغوا.
والمراد بالسؤال تقريع الكفار وتوبيخهم، لأنهم لما أقروا بأنهم كانوا ظالمين مقصّرين، سئلوا بعد ذلك عن سبب ذلك الظلم والتقصير.
وليس السؤال عن الذنب الواقع، وإنما عن الأسباب والدواعي التي دعت الناس إلى العصيان، وعن الموانع التي حالت بينهم وبين امتثال الأحكام والتكاليف الشرعية. وأكّد اللّه تعالى أنه عالم بما وقع علما تامّا، فيخبر عن علم وإحاطة تامة الرسل وأقوامهم بكل ما حدث منهم، فلا يغيب عنه شي ء قليل أو كثير، وإن كان مثقال ذرة من خردل في أعماق الأرض أو في عالم السماء. وكل ذلك يدلّ على أن سؤال الناس يوم القيامة ليس للاستعلام والاستفهام عن شي ء مجهول عن اللّه تعالى، بل للإخبار بما حدث منهم توبيخا وتقريعا على تقصيرهم وإهمالهم. والمخبر عنه هو المحاسب عنه، وهو الذي يعقبه الجزاء.
(٢) ما تعيشون به