تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٤٢
إِلَّا غُرُوراً (٦٤) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥)
[الإسراء :
١٧/ ٦٣- ٦٥].
إن جزاء المخالفين لأمر اللّه هو جزاء عادل، وواحد، لأن العصيان فيه معنى التحدي، والطاعة فيها معنى الامتثال والانقياد.
سكنى آدم في الجنّة وخروجه منها
اقتضت عدالة اللّه أن ترتبط المسبّبات بالأسباب والنتائج بالمقدّمات، وعملا بهذا المبدأ أمر اللّه آدم عليه السّلام بسكنى الجنّة واختباره فيها بامتثال الأمر الإلهي، فلما خالف وعصى، أمره ربّه بالخروج منها عدلا وجزاء موافقا لمخالفته وعصيانه، وهذه التجربة تصلح عنوانا لكل قضية في العالم، النعمة فيها مرتبطة بالموافقة، والنقمة فيها ملازمة للمخالفة. قال اللّه تعالى واصفا هذه القصّة :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٩ الى ٢٥]
وَ يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣)
قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [الأعراف : ٧/ ١٩- ٢٥].
(٢) ما ستر وأخفي.
(٣) السّوءة : العورة لأنه يسوء الإنسان ظهورها، أي عوراتهما.
(٤) حلف لهما.
(٥) أزلّهما عن الطاعة بخداع.
(٦) شرعا وأخذا يلزقان. [.....]