تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٤٩
الخلائق جميعا إلى اللّه تعالى، كما أنشأ هذه المخلوقات من العدم ابتداء يعيدها مرة أخرى، فيجازي كل إنسان على عمله، وهذا في ميزان العقل والمصلحة يتطلب إخلاص العبادة لله.
وعند العودة إلى اللّه وحال البعث والحساب الناس فريقان : فريق هداه اللّه ووفقه للعبادة والإيمان والإخلاص، وهم المؤمنون المسلمون الخاضعون المنقادون لله وأوامره، وفريق الضلالة الذين استوجبوا العذاب بسوء صنيعهم واختيارهم، واتباعهم وسواس الشيطان، إن هذا الفريق هم الذين اتخذوا الشياطين أنصارا وأعوانا من دون اللّه، فقبلوا ما دعوهم إليه، ولم يميزوا بين الحق والباطل، ويظنون أنهم سائرون على درب الهداية والصواب، مع أنهم هم الأخسرون أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وهذا من فساد الرأي وسوء الفكر وضعف العقل، فإن الحق أحق أن يتبع، وإن من الحماقة والبلاهة أن يخطئ الإنسان ويزعم أنه على حق وسداد وهدى.
إباحة الزّينة والطّيّبات
إن الإسلام دين الوسطية والواقعية والاعتدال، فلا يمنع النافع الموافق للطباع السليمة، والملائم للأعراف الصحيحة، والمنسجم مع مقتضيات الصحة والقوة، والمدنية والحضارة. وإنما الذي يمنعه الإسلام هو الضّار أو الشي ء القبيح الذي يؤذي النفوس، ويناقض المصلحة، ويسي ء إلى الفرد والجماعة. وهذا هو منهاج القرآن الكريم الذي يبيح الزّينة وهي الثياب الساترة، والمطعومات والمشروبات النافعة. قال اللّه تعالى :