تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٦٢
صدورهم، ينقّي اللّه قلوب ساكني الجنة من الغل والحقد، حتى لا يكدّرهم مكدّر، ولا يؤلمهم ألم، ولا يحزنهم فزع، ولا يحدث بينهم شرّ، وذلك أن صاحب الغل أو الحقد متعذّب به، ولا عذاب في الجنة، و
ورد في الحديث الذي ذكره القرطبي :«الغلّ على باب الجنّة كمبارك الإبل، وقد نزعه اللّه تبارك وتعالى من قلوب المؤمنين».
ذكر قتادة أن عليّا رضي اللّه عنه قال :«إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير رضي اللّه عنهم من الذين قال اللّه فيهم : وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ».
ويقول المؤمنون قولتين في الجنّة شاكرين نعمة اللّه وفضله : القولة الأولى : الحمد لله الذي هدانا في الدنيا للإيمان الصحيح والعمل الصالح، الذي كان جزاؤه هذا النّعيم. وما كان من شأننا وتفكيرنا أن نهتدي إليه بأنفسنا، لو لا هداية اللّه وتوفيقه إيانا لاتّباع رسله.
والقولة الثانية : لقد جاءت رسل اللّه ربّنا بالحقّ الثابت والكلام الصادق، وهذا مصداق وعد اللّه على لسان رسله.
وتناديهم الملائكة قائلين لهم : سلام عليكم طبتم، فادخلوها خالدين، هذه الجنة التي أورثكم اللّه إياها جزاء أعمالكم الصالحة.
وإذا كان القانون العام بمقتضى العدل الإلهي هو أن دخول الإنسان الجنة بعمله، فإن العمل قليل بجانب فضل اللّه، لذا احتجاج الإنسان إلى أن يكون دخول الجنة بمجرد رحمة اللّه تعالى،
جاء في الحديث الصحيح :«لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله، قالوا : ولا أنت يا رسول اللّه؟! قال : ولا أنا إلا أن يتغمّدني اللّه بفضله ورحمته».
أخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :«ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا مات فدخل النار، ورث أهل الجنة منزله، فذلك قوله تعالى : أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ [المؤمنون : ٢٣/ ١٠].