تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٦٤
أي إن اللعنة وهي الطرد من رحمة اللّه مستقرة على الظالمين أنفسهم بعدم الإيمان.
وهذا المنادي أو المؤذن إما مالك خازن النار أو ملك آخر غيره.
وأوصاف هؤلاء الظالمين : هي أنهم الذين يمنعون الناس عن اتّباع سبيل اللّه وشرعه وما جاءت به الأنبياء، ويطلبون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة، حتى لا يتبعها أحد.
ومن أوصاف الظالمين : أنهم بلقاء اللّه في الدار الآخرة كافرون، أي جاحدون مكذّبون بذلك، لا يصدّقونه ولا يؤمنون به، فلهذا لا يبالون بما يأتون من منكر القول والعمل.
وبين فريقي الجنة والنار حجاب حاجز مانع من وصول أهل النار، وهو السّور الذي وصفه اللّه تعالى بقوله : فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ [الحديد : ٥٧/ ١٣]. وأعالي السّور : هي الأعراف، وأهل الأعراف على أعالي ذلك السّور رجال يرون أهل الجنّة وأهل النّار، ويعرفون كلّا منهم بعلامتهم من بياض وجوه المؤمنين وسواد وجوه الكافرين. وأهل الأعراف : هم قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم، فلم يتأهّلوا للجنّة، ولم يستحقّوا النّار، وقفوا هناك على السّور حتى يقضي اللّه فيهم.
ونادى أصحاب الأعراف أهل الجنة قائلين لهم : سلام عليكم، والحال أنهم لم يدخلوا الجنة، ولكنهم يطمعون في دخولها، لما بدا لهم من يسر الحساب، ولاعتمادهم على سعة فضل اللّه ورحمته.
والناس جميعا في ذلك الموقف بين الخوف والرجاء. روى أبو نعيم الأصفهاني عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنه قال : لو نادى مناد : يا أهل الموقف، ادخلوا النار إلا رجلا واحدا، لرجوت أن أكون ذلك الرجل، ولو نادى : ادخلوا الجنّة إلا رجلا واحدا، لخشيت أن أكون ذلك الرجل.


الصفحة التالية
Icon