تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٦٩٣
«١» «٢» [الأعراف : ٧/ ٨٨- ٩٣].
تضمنت هذه الآيات أمرين : الأول- محاورة شعيب لأشراف قومه، والثاني- بيان عاقبة الكافرين بإنزال العذاب العامّ عليهم. أما المحاورة بعد دعوة شعيب قومه لعبادة اللّه وحده، والوفاء بالكيل والميزان، وترك الفساد في الأرض، فإن زعماء القوم المتكبّرين عن الإيمان بالله ورسله هدّدوا شعيبا وجماعة المؤمنين معه بالطّرد من البلاد، أو بالعودة مكرهين إلى ملّة الوثنية التي عليها القوم، فقال شعيب مستنكرا ومستهجنا :
أ تفعلون ذلك ولو كنا كارهين ما تدعونا إليه من الطرد أو اعتناق ملّتكم؟.
ثم أعلن شعيب رفضه التّام العودة إلى ملّة الكفر قائلا : إنا إذا رجعنا إلى ملّتكم واتّبعنا دينكم القائم على الشّرك، فقد وقعنا في الفرية العظيمة على اللّه في جعل الشركاء معه أندادا، بعد أن نجانا اللّه من تلك الملّة الباطلة، وهدانا إلى ملّة التوحيد وطريق الاستقامة.
وما ينبغي لنا وليس من شأننا أن نعود في ملّتكم أبدا، لاعتقادنا الجازم أننا على الحقّ والصواب، وأنتم على الملّة الباطلة : ملّة الشّرك والضّلال، لكن إيمانا منّا بمشيئة اللّه يجعلنا نفوض الأمر لله، فإن سبق علينا من اللّه في ذلك سابق سوء، ونفذ منه قضاء لا يرد، فالله هو المتصرّف في أمورنا، وهذا رفض أبلغ. إن اللّه تعالى أحاط علمه بكل شي ء، فهو واسع العلم، كثير الفضل، يتصرف بحكمة، ولا يشاء إلا الخير للناس، على اللّه توكّلنا في أمورنا، وتوكّلنا عليه في التثبيت على الإيمان، والتوفيق لزيادة اليقين.
(٢) لم يقيموا في ديارهم.