تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٠٢
«١» [الأعراف : ٧/ ١٠٣- ١٠٨].
هذه بداية قصة موسى عليه السلام، بدأت بتكليف إلهي هي تبليغ رسالة اللّه ودعوته إلى فرعون وقومه ليوحدوا اللّه، وبدء البعثة لكل رسول بداية عهد جديد في حياته، وانتقال من كونه شخصا عاديا إلى صيرورته نبيا ورسولا مبلغا أوامر اللّه ونواهيه إلى الناس. أرسل اللّه تعالى موسى عليه السلام رسولا بالآيات والمعجزات الدالة على صدقه ورسالته إلى فرعون وملئه فظلموا بها وكفروا، والظلم والكفر مقترنان عادة، إنهم ظلموا أنفسهم وغيرهم بالتنكر لرسالة اللّه والإعراض عنها، وصد الناس أيضا عنها، فكان طبيعيا أن يحذّر اللّه تعالى من عاقبة المفسدين الظالمين، وجعلهم مثالا يتوعد به كفرة عصر النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم وما بعده من العصور والدهور.
ابتدأ موسى عليه السلام حوارة مع فرعون بإعلان واضح أنه رسول مرسل من رب العالمين. وفرعون : اسم كل ملك لمصر في زمان غابر، في عهد الفراعنة، كالنمارذة في اليونان، وقيصر في الروم، وكسرى في فارس، والنجاشي في الحبشة.
تابع موسى قوله مع فرعون لإثبات صدقه في رسالته قائلا : جدير بي ألا أقول على اللّه إلا الحق، فإن الرسول لا يكذب على اللّه الذي بيده ملكوت كل شي ء، لذا فإني لا أخبر عن اللّه إلا بما هو حق وصدق، لما أعلم من جلاله وعظيم شأنه، قد جئتكم يا قوم ببينة وحجّة من ربكم، لا من نفسي، بل من الرب سبحانه الواحد الأحد رب السماوات والأرض، ورب فرعون وهامان، وربي هو الذي أمرني بهذه الدعوة إليكم، فأرسل يا فرعون معنا بني إسرائيل، ولا تعذبهم.