تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٢٠
هارون على بني إسرائيل في غياب موسى، وطلب موسى رؤية اللّه عز وجل، وإنزال التوراة المتضمنة أصول الشريعة.
أما موضوع المواعدة : فهو أن اللّه تعالى واعد موسى مكالمته، بعد تمام ثلاثين ليلة وهي شهر ذي القعدة، وأمره بصومها، فصامها وتهيأ فيها للمناجاة واستعد، ثم أمره اللّه تعالى أن يكمل صيام عشرة أيام أخرى من ذي الحجة، وأن يلقى اللّه صائما، فأصبح موعد اللقاء بعد تمام أربعين ليلة. قال ابن كثير : فعلى هذا يكون قد كمل الميقات يوم النحر، وحصل فيه التكليم لموسى عليه السلام، وفيه أكمل اللّه الدين لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم، كما قال اللّه تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة : ٥/ ٣].
والموضوع الثاني- هو استخلاف هارون : قال موسى لأخيه هارون الأكبر منه ثلاث سنوات حين أراد الذهاب إلى جبل الطور لميقات ربه : كن خليفتي في القوم مدة غيابي، وأصلح أمر دينهم، ولا تتبع سبيل أهل الفساد والضلال.
والموضوع الثالث- طلب موسى رؤية ربه، لما جاء موسى لميقات اللّه تعالى المحدد في جبل الطور للكلام مع ربه وإعطائه الشريعة، كلمه ربه بلا واسطة كلاما سمعه من كل جهة، وسمعه سبعون رجلا اختارهم معه للميقات، وفي المكالمة رغب موسى برؤية اللّه تعالى، فقال : رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ أي أنظر إلى ذاتك المقدسة، وقوّني على النظر إليك، فقال اللّه له : لَنْ تَرانِي أي الآن ولا في المستقبل في الدنيا، إذ ليس لبشر القدرة على النظر إلي،
لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيما رواه مسلم :«حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه- أنواره- ما انتهى إليه بصره من خلقه».
ولكن انظر إلى الجبل، فإن ثبت مكانه عند التجلي الأعظم عليه، فسوف تراني، وإذا كان الجبل في قوته وثباته لم يستطع أن يثبت، فكيف أنت يا موسى؟! فلما تجلى


الصفحة التالية
Icon