تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٢٢
أوامر اللّه، كان الكبر سببا لصرف الإنسان عادة عن النظر في الحق، والغفلة عن الآيات الدالة عليه. قال اللّه تعالى مبينا صرف المتكبرين عن التفكير والنظر في آيات اللّه :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٤٦ الى ١٤٧]
سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٤٦) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤٧)
«١» «٢» «٣» [الأعراف : ٧/ ١٤٦- ١٤٧].
الصرف : هو المنع والصدّ، والآيات هنا : كل كتاب منزل من اللّه، والمعنى : أن اللّه تعالى يبين في هذه الآيات سبب الطغيان والكفر والظلم والفساد، ويقرر سبحانه أنه سيمنع قلوب المتكبرين عن طاعته واتباع رسله عن النظر والتفكير والاستدلال بآيات اللّه، ويمنعهم عن فهم الأدلة والبراهين، الدالة على عظمته، ويحجبهم عن الإيمان بالآيات، مثل قوم فرعون الذين قال اللّه فيهم : وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النمل : ٢٧/ ١٤] ومثل كفار قريش كأبي جهل وأبي لهب وعتبة بن ربيعة الذين حجبهم الكبر عن النظر في الآيات مع يقينهم بصدق محمد.
ويتصف هؤلاء المتكبرون بصفات، منها : أنهم لا يؤمنون بأي آية تدل على الحق وتثبته، إذ لا تفيد الآيات إلا من كان مستعدا للفهم وقبول الحق.
ومنها : أنهم يبتعدون عن طريق الهدى والرشاد، وهي الطريق الممهدة المؤدية إلى النجاة، فإذا رأى أحدهم هذه السبيل لا يسلكها ويسلك غيرها، وهذا يكون عن تعمد وعناد، أو عن جهل وطيش، وحكم الفريقين واحد.
(٢) طريق الضلال.
(٣) بطلت أعمالهم لكفرهم.