تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٥٧
«١» «٢» «٣» [الأعراف : ٧/ ١٨١- ١٨٦].
إن اللّه تعالى بعث نبيه محمدا للناس كافة، فدعاهم إلى الإيمان بالله ربا واحدا لا شريك له، وحذرهم من الشرك والوثنية، وانقسم هؤلاء الناس أمة الدعوة المحمدية فريقين. أما الفريق الأول فهم قوم قائمون بالحق قولا وعملا، يرشدون الناس ويدعونهم إليه، ويعملون بالحق ويقضون بالعدل، دون ميل ولا جور. قال أبو جعفر النحاس : فلا تخلو الدنيا في وقت من الأوقات من داع يدعو إلى الحق.
إن الاعتدال في الأمور من غير زيادة ولا نقصان، والقضاء بالحق والعدل من غير محاباة ولا جور هو شأن أهل الملة المستقيمة والتوسط والنجاة،
قال علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي اللّه عنه : لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة، يقول اللّه تعالى : وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١)
فهذه هي التي تنجو من هذه الأمة.
هذا هو الفريق الأول من أمة الدعوة المحمدية، والفريق الثاني : هم الذين كذبوا بالقرآن وهم أهل مكة وأمثالهم، وهم الذين يتركهم اللّه في ضلالهم، ويستدرجهم إلى العذاب من حيث لا يعلمون ما يراد بهم، ويقربهم إلى الهلاك بإمدادهم بالنعم عليهم والإمهال لهم، حتى يغتروا ويظنوا أنهم لا ينالهم عقاب. وينذرهم اللّه تعالى بأنه سيملي ويطول لهم ما هم فيه، ولكن كيد اللّه متين، أي تدبيره الخفي قوي شديد، محكم مسدّد النتائج، وهذا كله من الاستدراج والإمهال عقوبة من اللّه على التكذيب بالآيات.
(٢) تجاوزهم الحد في الكفر.
(٣) يتحيرون ويترددون.