تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٦٤
البصير، العليم الخبير، الناصر القادر، النافع من يعبده، الضار من يعصيه، الهادي إلى الرشاد، المنقذ من الردى، المجيب المضطر إذا دعاه، وهو اللّه العلي القدير.
حقيقة المعبودات من دون اللّه
إذا انحدر العقل البشري لازمه السخف والسطحية، والبلاهة والسخرية، وليس هناك أشد انحدارا للعقل من عبادة الأصنام والأوثان المخلوقة المحدثة، التي هي جمادات وأجسام وأجرام، لا تنفع ولا تضر، فهي متعبدة، أي متملكة، مملوكة غير مالكة. وهكذا كان شأن الأقوام البدائيين لا يجدون أمامهم سوى هذه الأحجار، فعظموها وعبدوها من دون اللّه، فكانوا أسوأ مثل لانحدار الفكر وانحطاط الكرامة الإنسانية، قال اللّه تعالى واصفا صنيع هؤلاء البدائيين :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٩٤ الى ١٩٨]
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (١٩٨)
«١» «٢» [الأعراف : ٧/ ١٩٤- ١٩٨].
أراد اللّه سبحانه بهذه الآيات وأمثالها إثبات التوحيد وإبطال الشرك، من طريق كشف حقيقة الأصنام والأوثان ونحوها من المعبودات من دون اللّه، وإظهار تحقير شأنها ونفي مماثلتها للبشر، بل هم أقل وأحقر، إذ هم جمادات لا تفهم ولا تعقل.

(١) لا تمهلوني ساعة.
(٢) لفقد قدرتهم على الإبصار.


الصفحة التالية
Icon