تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٧١
اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«من استمع إلى آية من كتاب اللّه، كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة».
وتعظيم القرآن واجب كتعظيم اللّه في ذكره وتسبيحه، وتهليله، وتحميده، وتكبيره، وطريق الذّكر كما نصت الآية : اذكر ربك في نفسك سرا، بذكر أسمائه وصفاته، وشكره واستغفاره، اذكره بقلبك بتضرع أي بذلة وخضوع، وخوف من اللّه رجاء ثوابه وفضله، وأن يكون الذكر باللسان مقرونا باستحضار القلب والوجدان وملاحظة المعاني، من غير جهر شديد بالأصوات، فقد نزلت هذه الآية حينما كان الصحابة بمكة يتكلمون بحوائجهم أثناء ترداد الآيات، ويصيحون عند آيات الرحمة والعذاب في الصلاة وغيرها. وأوقات الذكر دائمة من غير ملل، وبخاصة وقت الغدو والآصال، أي عند الصباح والمساء. فللذّكر تأثير في تربية النفس وهو غذاء للروح، وإسكان للنفس من القلق والانزعاج، قال اللّه تعالى : أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد : ١٣/ ٢٨].
ثم أكد اللّه تعالى المطالبة بالذكر، بالنهي عن الغفلة عن ذكر اللّه، وجعل القلب ذا صلة دائمة مع اللّه، كما أكده ببيان أن الملائكة الأبرار لا يتكبرون عن عبادة اللّه، وينزهونه عن كل ما يليق بعظمته وجلاله وكبريائه، وله سبحانه وحده يصلون ويسجدون، فلا يشركون معه أحدا، وعلى المؤمنين أن يتشبهوا بأفعال الملائكة، وأن يقتدوا بهم في كثرة الطاعة والأذكار والتسبيح والتقديس. وهذا مثال من اجتهاد الملائكة يبعث على الجدّ في طاعة اللّه عز وجل.