تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٧٧٣
الغنيمة نفلا لأنها زيادة على القيام بالجهاد وحماية الدين والدعاء إلى اللّه عز وجل.
ومعنى الآية : يسألك الناس أيها الرسول عن حكم الأنفال لمن هي وكيف تقسم؟
فقل لهم : إن حكمها لله أولا يحكم فيها بما يريد، ثم للرسول يقسمها بينكم كما أمر اللّه، فأمرها مفوض إلى اللّه ورسوله، ثم جاء تبيان تفصيلي لمصارف الغنيمة في آية أخرى وهي :
وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال : ٨/ ٤١] أي إن الخمس لهؤلاء المحتاجين المذكورين في هذه الآية، والأربعة الأخماس الباقية للغانمين، أما اليوم بعد تنظيم الجيوش النظامية ودفع رواتب دائمة للجند، فتكون الغنائم للدولة.
وإذا كان أمر الغنائم لله ورسوله، فاتقوا اللّه سبحانه في أقوالكم وأفعالكم، وأصلحوا ذات بينكم من الأحوال حتى تتآلف النفوس، وأطيعوا اللّه ورسوله في الغنائم وغيرها من كل أمر أو نهي، أو قضاء وحكم.
هذه الأمور الثلاثة : تقوى اللّه، وإصلاح ذات البين وإطاعة أوامر اللّه ورسوله يتوقف عليها صلاح الجماعة الإسلامية، إن كنتم مؤمنين، أي مصدقين كلام اللّه وكاملي الإيمان، فإن التصديق يقتضي الامتثال، وكمال الإيمان يوجب هذه الخصال الثلاث.
ثم ذكر اللّه تعالى صفات المؤمنين بحق الذين يلتزمون هذه الخصال الثلاث، هذه الصفات هي :
١- الذين إذا ذكر اللّه أمامهم خافت قلوبهم، وامتلأت خشية لجلاله وعظمته، وهابت وعيده وتذكرت وعده للمحسنين أعمالهم.
٢- والذين إذا قرئت عليهم آيات القرآن، زادتهم إيمانا وتصديقا، وإقبالا على العمل الصالح لأن كثرة الأدلة والتذكير بها يوجب زيادة اليقين وقوة الاعتقاد.