تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨١٧
«١» [الأنفال : ٨/ ٦٠- ٦٢].
تضمنت الآيات قواعد أو مبادئ أربعة مهمة في العلاقات الدولية بين المسلمين وغيرهم، وهي خطاب لجميع المؤمنين :
القاعدة الأولى : الاستعداد الدائم لمواجهة الأعداء، بجميع أوجه الإعداد المادي والمعنوي والفني والمالي، بما يناسب كل عصر وزمان، لأن الجيش المقاتل درع البلاد وسياج الوطن، به يدفع العدوان، وتدحر قوى البغي والشر والتسلط، ولا يعقل أن نواجه الأعداء إلا بنفس المستوى الحربي والسلاح المتطور الذي تعتمد عليه الجيوش المحاربة، وبالقوى المماثلة المناظرة عند الآخرين، لذا وردت كلمة قُوَّةٍ نكرة في قوله تعالى : مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وهي تشمل مختلف أنواع القوى البرية والبحرية والجوية، من حيوان وسلاح وألبسة وآلات ونفقات وتقنيات متطورة، ولما كانت الخيول في الماضي هي أصل الحروب وأقوى القوى وحصون الفرسان، خصها اللّه بالذكر تشريفا لها، وإذا تغيرت الوسائل الحربية، تغير الواجب لإرهاب عدو اللّه وعدو المؤمنين الظاهر والعدو الخفي الذي نعلمه أو لا نعلمه وإنما يعلمه اللّه، فالإرهاب سبب الإعداد، وطريق تحصين البلاد وتوفير الأمن والسلامة.
والقاعدة الثانية : الإنفاق الضروري للتسليح لأن تحقيق النصر والإعداد الملائم لا يكون إلا بالمال، والإنفاق السخي هو سبيل توفير الأموال، وفيه ثواب عظيم عند اللّه تعالى في الدنيا والآخرة، سواء كان المال قليلا أو كثيرا في سبيل اللّه، فقد يجازي اللّه بعض المؤمنين المنفقين في الدنيا مجازاة مضافة إلى مجازاة الآخرة. وإذا توافر

(١) كافيك في رد خديعتهم.


الصفحة التالية
Icon