تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٢
يتّجهون إلى الغرب وبيت المقدس، والنصارى يتّجهون إلى المشرق ومطلع الشمس، وتكلموا في تحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وفضّلت كل فرقة تولّيها واتّجاهها إلى قبلتها.
قال قتادة : ذكر لنا أن رجلا سأل نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن البر، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية :
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦»
[سورة البقرة (٢) : آية ١٧٧]
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)
[البقرة : ٢/ ١٧٧].
وقال قتادة : وقد كان الرجل قبل الفرائض «٧» إذا شهد أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم مات على ذلك، وجبت له الجنة، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
أراد اللّه تعالى أن يبين للناس كافّة أن مجرّد التوجه نحو قبلة معينة ليس من جوهر الدين، وليس هو البر المقصود، وإنما البر وهو اسم جامع للخير ولكل فعل مرض محبوب هو شي ء آخر، ليس في الاتجاه جهة المشرق والمغرب، إنما هو إيمان بالله ورسوله مقرون بالعمل الصالح.
البر إذن : إيمان كامل بالله ورسوله واليوم الآخر على أنه محل الجزاء والثواب، وإيمان بالملائكة على أنهم من خلق اللّه لهم مهام عديدة كإنزال الوحي، وحمل العرش، وإنزال المطر، وقبض الأرواح، وطاعة اللّه، وإيمان بالأنبياء جميعا لا فرق

(١) جميع الطاعات وأعمال الخير.
(٢) المسافر الذي انقطع عن أهله.
(٣) في تحريرها من الرّق أو الأسر.
(٤) هذا منصوب على المدح، أي وأمدح الصابرين وأخصّهم بالذكر، أو منصوب بإضمار فعل.
(٥) الفقر، والوجع.
(٦) وقت القتال.
(٧) أي قبل الإلزام بالتكاليف المفروضة وبيان الحلال والحرام.


الصفحة التالية
Icon