تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٢٢
«١» [الأنفال : ٨/ ٦٧- ٧١] سبب نزول هذه الآيات يظهر فيما
رواه الإمام أحمد وغيره عن أنس بن مالك قال : استشار النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في الأسارى يوم بدر، فقال : إن اللّه قد أمكنكم منهم، فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول اللّه، اضرب أعناقهم، فأعرض عنه، فقام أبو بكر فقال : نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء، فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء، فأنزل اللّه : لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٦٨) الآيات.
هذه الآيات في رأي ابن عطية معاتبة من اللّه عز وجل لأصحاب نبيه صلّى اللّه عليه وسلم.
والمعنى : ما كان ينبغي لكم أن تفعلوا هذا الفعل الذي أوجب أن يكون للنبي أسرى قبل الإثخان (الإكثار في القتل) والإخبار هو لهم، ولذلك استمر الخطاب ب تُرِيدُونَ والنبي صلّى اللّه عليه وسلّم لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب، ولا أراد قط عرض الدنيا، وإنما فعله جمهور مباشري الحرب. ودخل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في العتاب حين لم ينه عن ذلك، وعذره أنه كان مشغولا بظهور النصر، فترك النهي عن استبقاء الأسرى.
والرأي عند كثير من المفسرين : أن هذا التوبيخ إنما كان بسبب إشارة من أشار على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بأخذ الفدية، كما ذكر في سبب النزول المتقدم.
وعلى كل حال، فإن معنى الآيات في الظاهر : ما صح لنبي وما استقام له الأمر

(١) فمكّنك منهم يوم بدر.


الصفحة التالية
Icon