تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٣١
قتال مشركي العرب وأمانهم
أوجب اللّه تعالى على المؤمنين قتال مشركي العرب في أي مكان إذا لم يؤمنوا لأنهم عدة الإسلام وقاعدته، ومنطلق الدعوة الإسلامية إلى الناس قاطبة وعليهم مسئولية تبليغ الرسالة الإلهية، فإما أن يكونوا على مستوى المسؤولية أو يبادوا، ويتحمل الأمانة جيل آخر يكون أقدر على فهم الواجب والتفاعل مع متطلبات المهام الكبرى المنوطة بهم، وقد فتح اللّه باب الأمل أمامهم، فسمح لهم بالمجي ء إلى ساحة القرآن والوحي الإلهي ليفكروا فيما أنزل اللّه، عن طريق منح الأمان المشروع لكل طالب سماع كلام اللّه، قال اللّه تعالى مبينا هذين الحكمين المتلازمين : وهما القتال والأمان :
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٥ الى ٦]
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦)
«١» «٢» «٣» [التوبة : ٩/ ٥- ٦].
تسمى الآية الأولى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ.. آية السيف، إذ جاء فيها الأمر بالقتال العام، ومعناها إذا انقضت الأشهر الأربعة الحرم، أي التي حرم فيها القتال بين المسلمين والمشركين، وهي مدة الهدنة، من يوم النحر (الأضحى) إلى العاشر من ربيع الآخر، فافعلوا أيها المؤمنون مع المشركين ما يحقق المصلحة، ويهيئ للمسؤولية والمهام العظمى الملقاة على عاتق الأمة العربية، واتّخذوا معهم أحد التدابير الآتية :
إما القتال والقتل في أي مكان وجدوا فيه، من حرم مكة أو غيره، وإما أخذهم أسرى إن شئتم، وإما محاصرتهم في قلاعهم وحصونهم ومنعهم من الخروج منها حتى

(١) انقضت ومضت.
(٢) حاصروهم وضيقوا عليهم.
(٣) كل طريق ومعبر.


الصفحة التالية
Icon