تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٤١
و تدبر تلاوتها وأذكارها، وخشوع القلب لله فيها، وآتى الزكاة المفروضة لمستحقيها المعروفين، كالفقراء والمساكين وأبناء السبيل، ولم يخش في قوله إلا اللّه وحده، دون غيره من الأصنام والعظماء الذين لا ينفعون ولا يضرون في الحقيقة، وإنما النفع والضر بيد اللّه، وهؤلاء هم الذين يرجى بحق أن يكونوا من المهتدين إلى الخير دائما، وإلى ما يحب اللّه ويرضيه، المستحقون الثواب على أعمالهم، لا أولئك المشركون الضالون الذين يجمعون بين الأضداد، فيشركون بالله، ويكفرون بما جاء به رسوله، ويسجدون للطواغيت (الأصنام) ثم يقدمون بعض الخدمات للمسجد الحرام كسقاية الحاج وتأمين الحرم.
أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال :«إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان».
فضل الإيمان بالله والجهاد
ليس هناك أفضل ولا أكرم ولا أولى من الإيمان الخالص بالله تعالى، والجهاد في سبيله لإعلاء كلمة الحق ونشر دعوة اللّه في الأرض، فبالإيمان تنتعش النفوس وتسعد، وتقدم على الحياة بروح وثابة عالية ومنهج عقلاني صحيح، وبالجهاد تعتز الأمة وتعلو كلمتها وترهب أعداءها الطامعين في خيراتها، وسلب مقدراتها وإذلالها، لذا حرّض القرآن على الإيمان أولا والجهاد ثانيا في قوله تعالى :
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٩ الى ٢٢]
أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)