تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٤٤
«دعوا لي أصحابي : فو الذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهبا ما بلغتم أعمالهم»
فهل يجوز لأحد النيل من أصحاب الرسول أو سبهم أو الطعن بهم؟! فمن فعل ذلك فهو من أفسق الفاسقين وأجهل الجاهلين والحاقدين.
ترك موالاة الآباء والإخوة غير المؤمنين
أراد الحق سبحانه وتعالى تجميع قوى المؤمنين في بلد واحد في صدر الإسلام حتى يكونوا قوة متماسكين مرهوبين أمام الأعداء، فحضّ على الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة، ورفض بلاد الكفر والشرك والإقامة مع المشركين، وجعل الجهاد مفضلا على ثمانية أشياء لإعزاز الدين وأهله، والتخطيط لبناء الأمة والمجتمع في المستقبل. قال اللّه تعالى موضحا هذه الخطة :
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤)
«١» «٢» «٣» «٤» [التوبة : ٩/ ٢٣- ٢٤].
نزلت الآية الأولى الناهية عن موالاة القرابة غير المؤمنة في شأن المؤمنين،
قال الكلبي : لما أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالهجرة إلى المدينة، جعل الرجل يقول لأبيه وأخيه وامرأته : إنا قد أمرنا بالهجرة، فمنهم من يسرع إلى ذلك ويعجبه، ومنهم من يتعلق به زوجته وعياله وولده، فيقولون : نشدناك اللّه أن تدعنا إلى غير شي ء فنضيع، فيرقّ،

(١) اختاروا.
(٢) اكتسبتموها.
(٣) بوارها.
(٤) فانتظروا.


الصفحة التالية
Icon