تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ١، ص : ٨٤٦
الأشياء الثمانية، وتفضلون الآباء، والأبناء، والإخوان، والأزواج، والعشيرة (القرابة الاجتماعية القريبة) والأموال، والتجارة، والمساكن، تؤثرونها على حب اللّه ورسوله، أي على طاعتهما، والجهاد في سبيل اللّه الذي يحقق السعادة الأبدية في الآخرة، فانتظروا حتى يأتي اللّه بعقابه العاجل أو الآجل.
ويلاحظ كيف بدأ اللّه تعالى بإيراد هذه الأشياء، مبتدئا بالأشد تعلقا والأدعى إلى المخالطة وهي مخالطة القرابة، ثم الحرص على المال، ثم طريق اكتسابه بالتجارة، ثم الرغبة في البناء في الأوطان بإشادة الدور والمساكن، وأبان اللّه تعالى أن رعاية الدين ومصالحه خير من رعاية جملة هذه الأمور، بالرغم من محبتها والميل الفطري إليها بالطبيعة.
فإن العبرة للأخلد والأبقى والأدوم نفعا، وإيثار حب اللّه ورسوله وطاعتهما والجهاد في سبيله يحقق مصالح كبري وسعادة دائمة لأن اللّه تعالى مصدر جميع النعم، وملجأ دفع كل الكروب والمحن، وكذلك حب الرسول وطاعته خير لأنه المنقذ من الضلالة إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان، ولأن الجهاد طريق إعزاز الأمة وإعلاء هيبتها وقوتها.
ثم ختم اللّه تعالى الآية بوعيد المخالفين وتهديد المعرضين بعقوبة عاجلة أو آجلة، فقال : فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ أي فانتظروا العقاب الآتي عاجلا أو آجلا.
وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ أي لا يرشد العصاة الخارجين عن حدود الدين ومقتضى العقل والحكمة، أو عن طاعة اللّه إلى معصية.